الشريط الإخباري


mardi 4 août 2009

المغرب بعيد عن دولة الحق والقانون وضحايا التعذيب يبحثون عن اجابات

اعتبر حقوقيون مغاربة يوم الثلاثاء الماضي ان المغرب لا يزال بعيدا عن دولة الحق والقانون كما هو متعارف عليها دوليا بالرغم من تفاخر الخطاب الرسمي بان المغرب قطع اشواطا مهمة في مجال احترام حقوق الانسان.

وقال التقرير السنوي للجمعية المغربية لحقوق الانسان المستقلة ان "الاجهزة الامنية والاستخباراتية تعبث بالقانون وتخرقه دون حسيب او رقيب." وسجل التقرير الخاص بحقوق الانسان في المغرب خلال سنة 2005 والشهور الستة الاولى من سنة 2006 عودة جرائم الاختطاف وقالوا ان اغلب المتابعات التي عرفتها سنة 2005 "سواء في ملفات ما يسمى بالسلفية الجهادية او ملفات الصحراويين قد مر اغلب المتابعين فيها بمرحلة الاختطاف." واضافوا ان "ملف الاختطاف لا يقتصر على المواطنين المغاربة بل ان تقارير منظمات دولية تفيد ان المغرب من بين الدول التي تتواجد فيها مراكز سرية يتم نقل مختطفين من جنسيات اخرى اليها قصد التعذيب ونزع الاعترافات لصالح الادارة الامريكية."

وكان حقوقيون ومحامون عن الاثيوبي محمد بنيام قد صرحوا انه اختطف في باكستان ونقل الى المغرب لمدة 18 شهرا "حيث اعترف تحت التعذيب انه عضو في منظمة القاعدة" وبعدها نقل لمدة 5 اشهر في مخيم تابع للولايات المتحدة الامريكية ثم الى معتقل خليج جوانتنامو في سنة 2004.

ونفى المغرب في وقت سابق بشكل قاطع انه يستعمل اراضيه لنقل الاسرى بطريقة سرية لتعذيبهم لصالح الامريكيين. ويفاخر الخطاب الرسمي في المغرب انه قطع مع ماضي انتهاكات حقوق الانسان بانشائه هيئة رسمية انهت اشغالها العام الماضي لطي ماضي انتهاكات حقوق الانسان في الفترة بين 1956 و1999 غير ان قانونها المؤسس يمنع تحديد المسؤولين عن الانتهاكات او متابعتهم قضائيا.

وقال تقرير الجمعية ان المغرب "لايزال بعيدا عن دولة الحق والقانون كما هي متعارف عليها دوليا." واعتبر التقرير ان "مرتكبي جرائم الاختطاف سواء قبل 1999 او بعدها بعيدين عن المساءلة والعقاب مما يشجعهم على تكرار جرائمهم."

وفي مجال الحريات العامة قال التقرير انها "عرفت التضييق خلال سنة 2005 .. برفع عصا المقدس ومتابعة نشطاء حقوق الانسان." وسجل التقرير "المس والتضييق على حرية الصحافة ومحاكمة العديد من الصحف."

وشهدت سنة 2005 محاكمة العديد من الصحف اغلبها مستقلة بتهمة الاخلال بالاحترام الواجب للملك او نشر صور العائلة المالكة بدون اذن. وبخصوص حرية التنقل قال التقرير انه "بالرغم من وجود بعض الضمانات على مستوى الدستور المغربي ومصادقة المغرب على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة 1997 فان حرية التنقل لازالت تعرف بعض الانتهاكات.." وخص التقرير بالذكر المهاجرين الافارقة في المغرب وعملية الترحيل التي شملتهم حيث رحل المغرب نحو 5000 مهاجر افريقي الى ديارهم اغلبهم من مالي والسنغال ونيجيريا. وعلى الرغم من مضي عقود فأن ضحايا التعذيب بالمغرب يريدون اجابات فقد توقف عمل عبد الناصر بنو هاشم كناشط طلابي يساري على نحو مفاجيء في 13 ابريل نيسان 1976 عندما استوقفه ضباط أمن سريون في أحد الشوارع وألقوا به في حافلة صغيرة لا تحمل أرقاما.

وقال بنو هاشم انهم عصبوا عينيه واقتادوه الى مركز احتجاز تعرض فيه هو وأربعة من أصدقائه للتعذيب على مدى ثلاثة ايام وأنه تم تعليقه في سارية حديدية والاعتداء عليه بالضرب تم تغطيسه في الماء الى أن أوشك على الغرق. ونقل بعد ذلك الى سجن في شمال المغرب حيث تعرض للضرب والتجويع لنحو تسع سنوات قبل أن يفرج عنه دون أي توضيحات. وبعد سنوات حصل بنو هاشم الذي يعمل حاليا بهيئة البث الحكومية على تعويض عن محنته بلغ مليون درهم غير أنه يقول ان الاموال لن تمسح ذكرياته.

وقال "لا يمكن لاي أموال أن تعوضني عن تسع سنوات من حياتي... يجب أن نعرف.. لماذا خطف هؤلاء المسؤولون خمسة طلاب وألقوا بهم في الجحيم."

وفي عام 2004 بدا أن أسئلته قد تجد اجابة في النهاية بعدما أعلن الملك محمد السادس تشكيل أول لجنة تقصي حقائق من نوعها في العالم العربي للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان خلال حكم والده الراحل الملك الحسن وهي الفترة التي عرفت باسم "سنوات الرصاص".

وقال مسؤولون ان التنقيب بعيدا في أعماق الماضي يمكن أن يحيي التوترات وأنه في كل الاحوال لا يمكن أبدا لمحكمة أن توضح أحداثا ترجع في بعض الاحيان الى نحو 50 عاما.

وتقول جماعات حقوق الانسان ان هناك سببا اخر وهو أن كثيرا من الذين أصدروا الاوامر لا يزالون يتقلدون مناصب عليا في ادارة البلاد.

وقال محمد نشناش نائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الانسان التي شاركت في عضوية هيئة الانصاف والمصالحة ان الهيئة كانت تحلل وتقيم عهد والد الملك وأن مهمتها دقيقة.

وأوصى تقرير الهيئة باصلاحات تهدف الى جعل أجهزة أمن أكثر خضوعا للمحاسبة وجعل القضاة أكثر استقلالا وتمرسا وضمان الحريات المدنية.

وذكرت تقارير لوسائل الاعلام مؤخرا أن بعض الاحزاب المشاركة في الحكومة الائتلافية تعد بالفعل خططا لتعديلات دستورية وتقول الحكومة ان اصلاحات قضائية ستتم خلال العام المقبل.

وقال نبيل بن عبدالله المتحدث باسم الحكومة إن استحداث ضمانات دستورية سيكون جزءا من عملية إصلاح أوسع للدستور تناقشها الأحزاب السياسية بالمغرب حاليا.

واردف قائلا لرويترز أن الملك محمد السادس تتم إحاطته علما بتلك المناقشات وأنه سيتم تنفيذها حالما تحين الفرصة وتكون الظروف مواتية.

ويقول مسؤولو الحكومة إن هناك تحسنا كبيرا في سلوك قوات الأمن والجهاز القضائي.

غير أن جماعات حقوق الإنسان تقول إن هناك انتهاكات لا تزال تقع وإن كان على نطاق أضيق. ويستشهد هؤلاء باحتجاجات لطلاب ومحامين والتي تقول تلك الجماعات إنها تعرضت لقمع عنيف كما يشيرون إلى الاعتقالات التعسفية لنشطاء يشتبه في تأييدهم لاستقلال الصحراء الغربية.

وتقول جماعات حقوق الإنسان أيضا إن المئات من الإسلاميين اعتقلوا وواجهوا معاملة سيئة أو محاكمات غير نزيهة منذ عام 2003 عندما تسببت تفجيرات انتحارية في مقتل 45 شخصا في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.

وقال نشناش إنه يتعين أن تتم الإصلاحات قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2007 وأن ذلك من أجل صالح الديمقراطية واستقرار المغرب.

وتلقت هيئة الإنصاف والمصالحة 16 ألفا و861 ملفا للتحقيق فيها وأكدت ما لا يقل عن 9779 حالة انتهاك لحقوق الإنسان من بينها عمليات قتل وإلحاق إصابات في المعقتلات وعمليات إعدام خارج نطاق القانون واختفاءات قسرية. كما تعرفت الهيئة على قبور 85 شخصا بعضهم ضباط بالجيش حاولوا الإطاحة بالملك الحسن وكانوا احتجزوا في سجون سرية. غير أن جماعات حقوق الإنسان تقول إن أرقام هيئة الإنصاف والمصالحة لا تزال بعيدة عن الحقيقة.

وقال محمد سكتاوي رئيس مكتب منظمة العفو الدولية بالرباط إن العائلات التي دفن أقارب لها سرا لها الحق في دفنهم بشكل مناسب. وأضاف أن المستقبل وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت هيئة الإنصاف والمصالحة نجحت في ضمان العدالة.

ولا تزال 66 حالة اختفاء غير محددة المصير وأشهرها حالة الزعيم المعارض مهدي بن بركة الذي فر إلى المنفى خلال سنوات الاستقلال الأولى واختطف من أمام مقهى في الحي اللاتيني بباريس عام 1965.

وفي عام 2001 نقلت صحيفة لو موند اليومية الفرنسية عن ضابط سابق بالمخابرات المغربية قوله إن جثة بن بركة تم تحليلها باستخدام الأحماض في الرباط بعدما قتل على يد أشخاص قاموا بتعذيبه في باريس. وكانت باريس نفت في الستينات أن تكون أجهزة الشرطة أو المخابرات الفرنسية متورطة. ويحقق قاض فرنسي في القضية حاليا.

وقال بنو هاشم "لا يمكنك ضمان الاستقرار من خلال النسيان." وأضاف "النسيان خطر كبير على الشعب. يجب أن نعرف الحقيقة كاملة."