أثارت مؤخرا قضية إجلاء الأشقاء السوريين في الحدود المغربية الجزائرية، جدلا كبيرا في أوساط الحقل السياسي الديبلوماسي وكذا الإعلامي.. وصلت -أي القضية- في تصعيدها إلى إستدعاء الديبلوماسيتين للسفراء المعتمدين لدى كل منهما.. بدون مراعات حسن الجوار أو النظر إلى المصالح العليا التي تربط البلدين الشقيقين..؟
إن تصبين القرارات الديبلوماسية من الجانب المغربي بدون قاعدة سياسية تستند إليها، وبدون رأية رشيدة مستقبلية، لدليل على ضعف ديبلوماسيتها في معالجة القضايا الحساسة.. كما أن تسرع خارجيتنا الموقرة في إستدعاء السفير الجزائري بدون دلائل وتحقيقات ميدانية تدين الجارة الجزائر وتحملها قضية طرد اللاجئين السوريين.. لمن الإستهتار الديبلوماسي الذي لا يزيد العلاقات -المغربية الجزائرية- إلا تعقيدا وتشنجا أكثر مما هو عليه..، نظرا لتعنت جهات نافذة تسير البلدين الشقيقين.. ولا نستثني أيا كان
إذا كانت الجزائر فتحت أجواءها في وجه اللاجئين السوريين الذين وطأت أقدامهم التراب الجزائري، وسمحت لهم بالعيش على أراضيها، فهذا يعني أنها إلتزمت بٱتفاقية جنيف 1951 وٱتفاقية نيويورك سنة 1945 المتعلقتين بحقوق الإنسان وسلامته. إذن، إن كان في نية اللا جئين السوريين مغادرة التراب الجزائري طواعية إتجاه أي بلد، فهذا لا يُلزم الجزائر بمنعهم وإلا سيكون إحتجازا للاجئ بمقتضيات الإتفاقيات الدولية المشار إليها سالفا
إذن أين يكمن الخلل هنا؟
اللاجئون السوريون إختاروا طواعية ولوج التراب المغربي بطريقة غير شرعية قاصدين الثغرين المحتلين (مليلية-سبته)، ما يعني أن هناك خلل أمني على مستوى الحدود -المغربية الجزائرية- وهذا يُعتبر نقطة سوداء في حقل الأمن المغربي.. وليس للجزائر شعبا وحكومة أي ذنب ما إذا إختار هؤلاء اللجوء إتجاه الجزيرة الإيبيرية
أما إعادة هؤلاء اللاجئين إلى الجزائر عبر الحدود البرية المغلقة سياسيا منذ سنة 1994، أعتقد أن المغرب يريد من خلال هذا الإجراء إرغام الجارة الجزائر على فتح الحدود البرية بطريقة أو أخرى ولو على حساب قضية إنسانية محضة
بخصوص عدم إستقبال السلطات الجزائرية من جديد السوريين، فهذا راجع إلى معضلة غلق الحدود البرية بين البلدين، وهذا يُفند أي تعامل يربط البلدين بريا.. فإذا كان للسلطات المغربية نية في معالجة هته الأزمة وعدم إفتعالها، لكان حري بها إتباع المسطرة القانونية التي تنظم ترحيل الأجانب الغير الشرعيين وذلك عن طريق القنوات الديبلوماسية وإن كان الأمر إستثناءا للسوريين، لتم ترحيلهم قانونيا إلى الجزائر عن طريق مطار محمد الخامس كما درجت مسطرة الترحيل.. وليس تركهم عرضة للتشرد على الشريط الحدودي (وجدة-مغنية
أتمنى حلا لهذه الأزمة وديا، لأنها أزمة إنسانية قبل أن تكون سياسية