الشريط الإخباري


lundi 13 avril 2009

الدين ذريعة الدولة المغربية ل ...............؟

يخوض المغرب معاركه الدينية على عدة واجهات .....

1- معركة تدبير الشأن الديني والتمكين ل"إمارة المؤمنين" أمام غلواء الإسلام السياسي الراديكالي المنازع للسلطة في "شرعيتها الروحية" .
2- معركة ملاحقة الإرهاب وتفكيك خلاياه النائمة واليقظة.

3- معركة مواجهة المد الشيعي وخطر الاحتراق الإيراني .

4- معركة ترويض "العدالة والتنمية" وتيارات الإسلام السياسي المعتدل في حدود مرامي السلطة وحساباتها .

5- معركة محاربة التبشير المسيحي وطرد المبشرين الأجانب .

6- معركة إحياء الزوايا وإنعاش الأضرحة والمواسم وكل وسائل التخدير القديمة لمواجهة ثقافة الموت والانتحار الوهابية .

ويبرهن الحكام المغاربة بدالك على حسن استيعابهم لقاعدة "وداوني بالتي كانت هي الداء" فلمكافحة الأمراض الدينية وأشكال الشدود العقائدي التي سببها إقحام الدين في السياسة وغياب أسس الديمقراطية الحق, تعمد السلطة إلى مزيد من الجرعات الدينية بما فيها تلك التي قد تؤدي إلى أعطاب مزمنة في الدماغ وضمور في ملكة الفكر والإبداع .

ولا ينتبه المغاربة إلى أن بعض البديهيات التي يلوكونها ليل نهار قد أصابها التقادم, وأصبحت بمثابة الوصفة الطبية التي تجاوزها المرض فأصبحت من أسباب تفاقمه, دلك شأن حدثتهم عن إمارة المؤمنين المنقذة من التطرف باحتكارها للسلطة الدينية, الذي انكشف عن تناقض كبير مع الواقع, حيث يتزايد عدد الأشخاص الدين يعمدون إلى الدين لممارسة المعارضة الراديكالية للسلطة, وتهديد أمن المجتمع وحقوق الإفراد, مما يعني أن الناس ليسوا بلهاء, حيث لايحق السلطة أن تستعمل الدين في السياسة دون أن يعمد غيرها إلى فعل نفس الشيء ضد مبدأ "حلال علينا حرام عليكم" .

إن مقدار الخوف والتشنج الذي يصيب السلطة من موضوع الدين لا يسمح لها بأن تنتبه إلى تناقضاتها, فالسياسة المتبع عن عمد في مجالات التربية والتعليم والإعلام والشؤون الدينية هي بمثابة الوقود اليومي للتطرف, حيث لا تعطى أية فرصة للمواطن ليستدخل بعض مبادئ الفكر الحي والإنساني وقيم المواطنة على أنها ثقافة وقيم مجتمعة, وبالمقابل نرى أن أبواق الخطابة الدينية والتعنيف الوعظي اللانساني تحاصر المواطن من كل جهة, وتجعل قيم المواطنة تبدو كما لو أنها أجنبية, وان كانت الضامنة لكرامة الإنسان ومصالحه.

ولان السياسة الدينية للدولة لا ترمي إلى أكثر من تدبير ألظرفي, وتخلوا من أي حس استراتيجي أو مستقبلي, فإنها لا تنتبه إلى ما في توجهاتها من خطر على ذهنية المجتمع, لاشك أن التوجه العام الحالي سينتهي إلى خنق الفكر العلمي ( العلم بمفهومة الحديث), وإشاعة الخرافة والغيبيات وإضعاف حس الانتماء إلى العصر, وتقوية النزوع السلفي والثقافة الحربية -ثقافة الممانعة- ضد ثمرات الحضارة العصرية, ودلك سيضعف الإنتاجية ويجعل المجتمع غارقا في حروب نفسية وثقافية تنتهي إلى إحداث شلل تام بأطرافه الحيوية, وعاجزا عن الاندماج في السياق الحضاري الراهن, سيكون دلك أكبر خسارة لبلد لا يبعد عن أرويا إلا ب 13 كيلو متر .

إن حالة الطوارئ التي ما فتئت الدولة تعلنها في الشأن الديني, والتي يبدو أنها ستتزايد مع ما لها من تبعات في قمع للحريات وإشاعة لمناخ مكهرب وغير متسامح, هي نتيجة طبيعية لربط الدين بالدولة ربطا عضويا لم يعد طبيعيا في أي بلد من بلدان العالم, لعل الدليل الساطع على دلك هو مقدار الحروب التي تخوضها الدول الإسلامية بقوتها وغلبتها وعنفها للحفاظ على وضع غير سليم, إن المكان الطبيعي للدين هو الحياة الشخصية وأماكن العبادة وليس دفة الحكم ومؤسسات الدولة, وان الشرعية السياسية لا تأتي من السماء بل من الأرض, من العدل بين الناس والمساواة بينهم بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو لغتهم أو لونهم, وهو ما يضمن حقوقهم كاملة غير منقوصة .

وللناس على الدولة حماية حقهم في ممارسة طقوسهم التعبدية الدينية في أمن وسلام بدون أن يغصبهم على دلك أحد أو يردعهم عنه ردعا, كما ليس على الدولة ولا يحق لها فرض دين ما على الناس وإشاعته لوحده في قنواتها الرسمية ومحاربة غيرة لأهداف سياسية تنتهي كلها إلى ترسيخ الاستبداد والتسلط, إن الاعتقاد في أن أختار الأفراد والأديان أو مذاهب أخرى يمثل خطرا عللا الدولة إنما مصدره حرص السلطة على استعمال الدين بتأويل معين لإغراض سياسية, وليس الحرص على استقرار المجتمع, لان الناس في النهاية مستعدون لاحترام بعضهم البعض في ظل المساواة, في ظل قوانين تحمي بعضهم من بعض .

لقد ثبت بأن معظم حالات حروب التطهير الديني والعرقي مصدرها تحريض السلطة في إيديولوجياتها الرسمية للبعض على البعض الأخر لأهداف سياسية وبخطط مسبقة, ولهدا لم تصل أوربا والدول المتقدمة إلى توطيد أمنها الروحي إلا بعد أن فصلت الدين عن الدولة, ولم تنكو من جديد بنار التطرف الديني المهدد لاستقرارها إلا بعد أن زحفت إليها إيديولوجيات الدين المسيس من بلاد المسلمين, التي يبدو أنها تعيش عسرا كبيرا في هضم ثمرات الحضارة العصرية .

لقد شكل فصل الدين عن الدولة خطوة جبارة في تاريخ البشرية في اتجاه احترام الفرد واختياراته الحرة, وتثبيت الاستقرار والأمن الروحي للجميع, وأصبحت هي الحل الوحيد والحتمي من أجل العيش المشترك رغم الاختلافات تحت سقف واحد .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire